ماذا يمثل أي دستور لأي أمة؟

أ د. عمار طالبي/
إن أي دستور يسنّ لأية أمة في العالم إنما يعبر عن ثقافة الأمة ودينها ولغتها وقيمتها، في جميع مواده.
أما أن يكون دستورنا من الدساتير لا يعكس تاريخها وعناصر هويتها بوضوح، واحترام المواطن فإن ذلك تحريف …للأمة.
وتخريب لوجودها في مسرح التاريخ، ومن ذلك أن تشريع قوانينها يكون مطابقا لمواد الدستور، وقد اقترحت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن يكون في مواد الدستور مادة تنص على أن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع، ولم يستجيب لها، أما أن تكون مادة: الإسلام دين الدولة زينة وكلاما لا مضمون له، وتطبيقاته في التشريع لا أثر لها في الحياة الاجتماعية.
والقضاء، والتربية، والثقافة، فإن ذلك يصبح كلاما أجوف لا مضمون لها كما اقترح أن يكون بيان أول نوفمبر مرجعا من مراجع الدستور، ونحن نتغنى ببيان أول نوفمبر ونشيده، وبالثورة التي يمثلها، مجرد تمجيد بكلام لا جدوى منه في الواقع الدستوري الذي يحدد معالم الجمهورية الجديدة، فإن لم تفعل ذلك فما هو مضمون هذا الدستور في نهاية الأمر.
كما أنه لم يحدد ما هي الأمازيغية التي يقصد أن تكون وطنية رسمية والجزائر لها عدة لهجات.
فما هي اللهجة التي تكون وطنية رسمية وما هو مرجعها من قاموس أو منهج متفق عليه.
ولذلك فإنها في حاجة إلى تطوير وتوحيد، وهو ما لم يحدث بعد.
ثم إن دولا كفرنسا مثلا لها عدة لهجات، ولكن اعتمدت اللغة الفرنسية الشائعة وحدها لغة رسمية.
إننا نقدر مواد كثيرة تدعو إلى حرية التعبير وحرية الإجتماع، وتكوين الجمعيات المدنية، والأحزاب، والعناية بالتراث المادي والمعنوي، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.
ونحن ندعو إلى العناية بالبحث العلمي في الواقع، وتفعيل أكادمية الفلسفة التي هي أساس التقدم العلمي في الدول وندعو إلى تكوين ديوان وطني للمنظومة التربوية، وتفصيل المجمع الجزائري للغة العربية، المجمّد.
كما ندعو إلى تفعيل قانون استعمال اللغة العربية الذي جمّد لحدّ اليوم، وهذا يتنافر مع الدعوة إلى أن تكون مؤسسات الدولة والتربية والتعليم بهذه اللغة التي نتغنى بها، في كثير من المناسبات، ولكن ما تزال مؤسسات كثيرة لا تستعمل إلا اللغة الفرنسية وبعض المسؤولين يتكلم في الفرنسية في وسائل الإعلام كأنه يخاطب شعبا فرنسيا، وهذا مساس واضح بسيادة البلاد، وأكثر من هذا كله فإن الدستور الذي نحن مدعوون للتصويت عليه كتب باللسان الفرنسي، وكانت ترجمته إلى اللغة العربية لا تخلو من غموض وركاكة في التعبير اللغوي.
إننا أمة تستحق أن يحدد شؤونها في كل المجالات وخاصة مجال التربية، والفلاحة والإقتصاد.