فتاوى

الفتوى رقم:193 الموضوع: حكم قول الرجل لامرأته: أنت علي حرام، أنها طلقة بائنة بينونة صغرى./ محمد مكركب

قالت السائلة: إن زوجها اتهمها بسرقة مبلغ من المال، وحلفت بأنها ما سرقت، ولا علمت من سرق، ولكن زوجها غضب عليها، وقال لها: الحقي بأبيك، فأنت علي حرام، وهذا للمرة الأولى من حياتهما الزوجية. ثم بعد يوم تبين له بأن الزوجة بريئة، وندم، على ما قال، وأراد مراجعتها، هل يجوز له ذلك؟ وهل كلمة:[ الحقي بأبيك] تعتبر كلمة طلاق؟ وهي الآن غضبانة عند أبيها، منذ قال لها: الحقي بأبيك.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.

أولا:  لا يجوز شرعا، ولا أدبا، أن يتهم الزوج زوجته بالسرقة، أو العكس، أي لا يجوز لها أن تتهمه. وإذا وصل سوء الظن بين الزوجين إلى هذه الحال، فذلك دليل على خلل في العلاقة بينهما، وينصح الزوجان بالعمل، بقول الله تعالى:﴿وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الروم: 21). إن سنة الآداب في الحياة الزوجية تنص على أنه من حين لآخر يفاجئ الزوج زوجته بهدية، ويشكرها على ما تقوم به من واجبات منزلية. كما على الزوجة أن تبادر بشكر زوجها، والثناء عليه، وتقديره، واحترامه، ولا يعقل أن يسيء الزوج الظن بزوجته، ولا هي به. ومن جهة الأدب والأخلاق أن مال الزوج هو مال الزوجة، والعكس صحيح. رغم ما لكل واحد منهما من ذمته المالية المستقلة شرعا، واقتصادا، وحسابا. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

ثانيا: من الواجب الأدبي، والثقافة والوعي، عند الزوج المسلم، أن يلتزم التعامل بالأحكام والسنن الشرعية، ومن ذلك أن يستعمل المصطلحات الشرعية المقررة في الكتاب والسنة، فلا يستعمل: الكنايات، ولا يقول لها: أنت علي حرام، ولا بالثلاث، لماذا يَحْشُر الزوج نفسه في المبهمات، والملابسات، وقد وسع الله عليه، وأمده بمفاتيح الحلول الشرعية.

فإذا أراد الزوج أن يطلق لظروف اضطرارية، ومسوغات اجتماعية، ومعاذير شرعية، وجب عليه أن يتبع السنة. أن يمر على مراحل الإصلاح، من الوعظ، والتحذير، وعقد مجلس الحكمين، ورفع الأمر إلى القاضي. ثم بعد ذلك إذا أراد أن يطلق، يقول لها: أنت فلانة بنت فلان طالق. وأن يكون ذلك في طهر لم يجامعها فيه، وأمام الشهود. ولا تخرج من البيت ولا يخرجها حتى تكتمل عدتها، وإن كانت الطلقة الأولى، أو الثانية، وأراد رجعتها، فَلْيُعْلِمْهَا علنا يقول لها: راجعتك، أو أرجعتك، وَلْيُشْهِد على ذلك. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

ثالثا: قوله لزوجته: الحقي بأبيك، وأنت علي حرام. ينتج عنهما الطلاق، فالعبارة الأولى يترتب عليها الطلاق الرجعي، إن كان ذلك في العرف السائد، أو نوى بما يعلنه من سلوك يتبع الكلمة. وإذا كانت العبارة في العرف لا تعني الطلاق، ولم ينو، لا يكون الطلاق. فمثلا لو قال الحقي بأهلك حتى أنظر في أمرك، فلا طلاق. أما العبارة الثانية، (أنت علي حرام) فيترتب عليها: طلقة بائنة بينونة صغرى إذا كانت المرة الأولى، أو الثانية، وفي هذه الحال إذا أراد رجعتها، أن يرجعها بعقد جديد. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

رابعا: والجواب على سؤال السائلة، أنه يستطيع مراجعتها بِخِطْبَةٍ ومهر وعقد جديد. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

خامسا: عادة اعتادها بعض الناس عن جهل، وهي أن الزوجة إذا خاصمها زوجها، يأخذها  أهلها، أو تذهب إليهم وحدها، أو هو الزوج يأخذها إلى أهلها، على أساس أنها غضبانة. وربما تبقى غضبانة في بيت أهلها أسابيع أو شهورا. ومن بيت أهلها تطالب بالنفقة، ومن بيت أهلها تمنع زوجها من رؤية أولاده، وبكونها غضبانة تخرج عن طاعة زوجها، فلا هي زوجة، ولا هي مطلقة. فهذا العمل مخالف للشرع، ومخالف للأدب. قال الله تعالى:﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾ والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com