قــــراءة القرآن جمــاعـــة ليــلـــة الوفـــاة غيـر مشروعة

الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com /
قال السائل: عندما يموت المسلم في قريتنا يدعون جماعة من القارئين يقرؤون ستين حزبا من صلاة المغرب حتى يطلع الفجر. وبعضهم قال لنا: قراءة القرآن ما فيها شيء، أي يجوز ذلك، وقال لنا آخرون هذه الطريقة بدعة ولاتصح. فما هو الحكم الصحيح في قراءة القرآن جماعيا؟
****الجــــواب****
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: من معالم التدين الصحيح على منهاج القرآن هو أن المسلم لايقوم بعمل تعبدي له علاقة بالتقرب إلى الله، وكل ما يتصل بالتعامل مع القرآن والسنة في مجال التعبد: أن لا يعمل عملا إلا إذا كان مأمورا به في آية محكمة، أو حديث واضح صريح الدلالة، وعليه الإجماع في فهم العمل به. وكل أمر يخص نافلة ومعه نهي أدخل عليه شبهة عدم العمل به فيرجح النهي ولا يعمل به. لأن النوافل تطوعات ولا يحاسب العبد على ترك نافلة، أما فعل شيء على أنه شعيرة وهي غير مشروعة يعني غير مأمور بها، فهو معصية صريحة. وللعبد أن يجتهد في الشؤون الدنيوية في مجال المباح، أو فيما ينفع الأحياء، أما االاجتهاد في العبادات بالزيادة والنقصان، فلايصح. ففي سؤال السائل، عن الذين يقرؤون ستين حزبا، ليلة وفاة الميت، ليس فيه أمر بقراءة ستين حزبا بعد دفن الميت لا على القبر ولا في الليل حتى الفجر، لم يرد الأمر بذلك لافي الكتاب ولا في السنة على ما أعلم، فليس من السنة قراءة القرآن على الميت في المقبرة ولا في البيت، والأصل في قراءة القرآن للعمل به لا على الميت، وعلى هذا لا يجوز فعل ما لم نؤمر به وأن لا نعمل ما يزيد على الواجب في الدفن، فمن حق الميت علي الحي: تغسيله، وتكفينه والصلاة عليه، ودفنه، والاستغفار له، والدعاء، وتنفيذ وصيته المشروعة، ومن المستحبات المؤكدة تسديد الدين عنه، والصوم عنه إن كان عليه دين صوم، والعناية بأولاده. وقد ترك لنا النبي محمد صلى الله عليه وسلام قاعدة نعمل بها في المتشابهات والإشكالات وذلك ما ورد في الحديث.عن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: [دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ] (الترمذي:2518) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: (فما هو الحكم الصحيح في قراءة القرآن جماعيا؟) الأصل في قراءة القرآن لثلاثة مقاصد: المقصد التعبدي قراءة القرآن في الصلاة، أو الترتيل في غير الصلاة عبادة وفي هذه الحالات تكون القراءة فردية، إما أن يقرأ المسلم لنفسه مع نفسه، أو يقرأ والآخرون يسمعون، ففي قراءة القرآن عبادة وتقربا إلى الله،. والمقصد الثاني: قراءة القرآن للتدبر والتعليم والفهم.، وفي هذه الحال يجوز التكرار الجماعي تعلما من أجل الحفظ والوعي. والمقصد الثالث: لتعهد القرآن من أجل عدم النسيان، وهو ما يعرف في الجزائر بقراءة (الحزب الراتب) وهذه الحال تابعة للمقصد السابق للتعلم، ويجوز فيها التكرار الجماعي للتعلم. وقراءة القرآن جماعة ليس فيها أمر بالاستحباب إلا ما كان من قبيل العامل التربوي البيداغوجي للتغلب على صعوبة الحفظ، ولا يوجد نهي في القرآن ولا في الحديث بمنع القراءة الجماعية. وعلى هذا فقراءة القرآن جماعة جائزة في حالة ما إذا سَلِمَتْ من اللحن المخل بالقراءة إذا كان الهدف هو التعلم والتعهد للمراجعة كقراءة الحزب الراتب في المساجد، وليس بهدف القراءة على الموتى. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.