عرس أمريكي صهيوني

أ د. عمار طالبي /
انعقد مؤتمر صحفي، لعقد زواج صهيوني إماراتي، لكن العروسة لم تحضر، ولعلها كانت على استحياء كشأن العذارى، في حشمتهن، فاختفت، واحتجبت، لكن القاضي الذي وثّق العقد كان حاضرا بقوة، وهو الرئيس الأمريكي ترمب، وكان شهود العقد عددا من مستشاريه وأصحابه من المسيحين المتصهينين الذين كانوا يصفقون، ويمرحون، ولم تنقصهم إلا الشامبانيا وكؤوسها، لكن كانوا سكارى فرحا وابتهاجا بهذا العرس فلا يحتاجون إلى ما يسكرهم.
لكنه كان عرسا من أجل انتخاب الرئيس في وقت قريب، ويخطب ودّ اللب الصهيوني، ولا شك أنه عرس انتخابي فاشل لأن الشعب الأمريكي لا يهمه ما يجري في السياسة الخارجية، بقدر ما يهمه ما يجري في الساحة الداخلية، وقد فشت البطالة، وتدهور الاقتصاد، وتدهورت الصحة العامة لسوء تصرف الرئيس الأمريكي.
وما يزيد هذا العرس وما يتبعه من الصفقة فشلا، أنه احتقر الشعب الفلسطيني واعتدى عليه، وعلى حقوقه في الوجود، وفتح الباب واسعا للاستيطان، ونهب الأغوار والضفة الغربية.
وهذا ما يشعل التوتر من جديد، ويثير غضب الشعوب العربية الإسلامية، ويدفع حركات المقاومة لصدّ هذا العدوان.
إن هذا العمل الشائن الذي لا يراعي القوانين والشرعية الدولية ومبادرة الجامعة العربية في بيروت.
باعت الإمارات قضية فلسطين، وطعنت هذه القضية المركزية طعنا مسموما، وفتحت الباب لدخول الصهاينة إلى الخليج، وإحداث صِدام مع إيران، لتدمير أمن هذه الدول، إن إيران دولة مسلمة، وجارة، فكيف يقع التحالف مع الصهاينة الذين احتلوا فلسطين بالقوة ضد إيران، وهي أكبر حليف لفلسطين، وللمقاومة الشرعية التي تدافع عن وطنها لتحريره.
في ظرف هذا العرس الفاشل، كانت دولة الاحتلال تقصف الفلسطينيين في غزة، وتحرم الصيادين من صيد قوتهم في بحر غزة، وتحاصرهم بحريا، بعد ما حاصرتهم برا وجوا منذ سنين.
إن أمريكا أصيبت برئيس يمثل رجل أعمال ولا يهمه إلا الدولار، وبذلت إدارته جهودا معتبرة لتجديد حظر الأسلحة على إيران، ولكنه فشل فشلا ذريعا وخاب سعيه خيبة مهينة، ومعنى هذا فشل سياسة هذه الإدارة في معركتها مع الصين وروسيا وأوروبا وفشل ما قامت به من أنواع العقاب الاقتصادي والسياسي.
إن الشعب الفلسطيني وشبابه لا يزداد إلا إيمانا بوطنه ومقاومة لاحتلال الصهاينة، إن هذا الجيل له إيمان وتقنية تؤهله للدفاع عن نفسه ووطنه فلا يغلب، ولا يمكن أن تنعم دولة الصهاينة بالأمن لأنها دولة إرهابية يقودها صهاينة فاسدون وفي مقدمة الفاسدين رئيس الحكومة الحالية، الذي فرح بما مكّنه منه الرئيس الأمريكي، من دعم وتأييد مطلق.
إن الشعوب العربية والإسلامية أكبر سند لفلسطين ولا يمكن أن تسكت عما يجري من بعض الحكام العرب المخذولين التابعين لغيرهم الذين اتخذهم أداة سياسته، وباعوا كرامتهم مجانا ولم يقبضوا إلا الريح، والهوان، إن التاريخ يسجل هذا الخذلان في صفحات سوداء، كالحة لهؤلاء القوم التبّع المسخوطين.
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.