عين البصائر

مسافــــــــة الصفــــر

أ. حسام الدين حمادي /

 

مما خلصت إليه بعد معايشة دامت سنوات عدة تحمّلت فيها مسؤولية التربية والتنشئة الشبانية، أن العملية التربوية وخاصة في عصرنا هذا تحتاج منك أيها المربي الحذق صحبة المتربي والتقرب إليه، تقرب الصديق من صديقه والمصاحب لصاحبه، وأن تطرح أرضا غير آبه كلّ دعوى تدعوك لترك «مسافة» تلك المسافة التي يتركها المربي بينه وبين المتربي بدعوى الاحترام!
عجبا، لقد أوتيت -أيها المربي – من تلك المسافة مرات عديدة!، أصابتك وأصابت برامجك ومخرجاتك في مقتل نعم أيها الحبيب.
العصر فرض عليك في عمليتك التربوية شركاء متشاكسون، لا يتورعون البتّة في أن يدخلوا أغوار الشاب.. بل إلى أعماق أعماقه
يدخلون إلى تلك النقطة التي نصطلح عليها بمصطلح “نقطة الصفر”.
نقطة استطاع غيرك وُلوجهَا والعبث في طهرها.. بل وإفسادها وأخذ ذلك الفساد بالتوسع حتى زاحمك ودافعك، ثم تمكن منك فدفعك.. لتجد نفسك خارج الإطار الحيوي، ووجد ذاك الغير راحة وفراغا يبث الخربشات والهلوسات والمغريات وكذا الشهوات والشبهات ..
ثمّ اندب حظك التعيس وقل تغير الشاب فجأة
أبدا لا يحدث ذلك فجأة ولا طفرة، بل كانت بوادره ماثلة أمامك وكنت تتجاوزها وتتعداها، تتغافل عنها.
مؤشرات التغير كانت واضحة عيانا أمامك وتتعامى عنها.
وكل تلك الموشرات كانت تقول لك: لقد تركت فراغا -بدعوى مسافة الاحترام – تمدد فيه شركاوك المتشاكسون، لقد عبثوا في طهر من استأمنك الله على تربيته ودفعته لك الأمة راجية منك أن ترده إليها عالما عاملا محصنا من كلّ ما يعبث بعقيدته وأخلاقه وعلمه وهويته.
بئس «المسافة» هي، لا تأتي إلا بشر، أدنُ -أيها المربي الفاضل – أدناك الله، واعلم أن احترامك يزداد وينمو عند المتربين إذا أنت ولجت لتوثر في تلك النقطة، عن نقطة الصفر أتحدث.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com