حتى تكون الجزائر بمنجاة من التقسيم …/ بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي
إن الجزائر ليست بمنجاة من نتائج الصراع الذي يجري في دول الجوار، بل وحتى مما يجري في المشرق العربي، ذلك لأن بين الدول العربية في المشرق العربي والدول الإفريقية العديد من العوامل المشتركة التي تسهل سريان التأثير وتبادله فيما بينها وسواها من الدول، فاضطراب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في تونس والمغرب وموريتانيا ومالي والتشاد يرتد بأثاره السلبية على الوضع العام في الجزائر، من ذلك أن عدم استقرار الأوضاع في ليبيا ترتب عنه ازدهار نشاط التهريب للكثير من السلع المشروع منها وغير المشروع، وذلك يشكل ضربة في الصميم للاقتصاد الوطني، كما تسبب اضطراب الوضع الأمني في كل من التشاد ومالي وغيرها من الدول الإفريقية في موجة نزوح عاتية نحو الجزائر فأثقل ذلك كاهلها بعبء إضافي زيادة على الأعباء التي تثقل كاهلها.
أما بالنسبة للصراع الجاري في الدول العربية في المشرق العربي، فإن الجزائر قد تأثرت به بشكل أكبر وأكثر حدة، سواء أكان ذلك على المستوى الأمني أو الاقتصادي، وذلك أمر طبيعي بالنظر للقواسم المشتركة الكثيرة التي تربطها بكل دول المنطقة من لغة ودين وتاريخ مشترك، وبالنظر إلى أن العدو الذي يعيث فسادا في المشرق العربي، لا يمكن أن يضمر خيرا للجزائر، فإذا كان قد استهدف في المشرق العربي دولا ضيقة المساحة محدودة الموارد، فكيف يغض طرفه عن الجزائر، التي تتمتع بموقع استراتيجي هام، وبتنوع مواردها الاقتصادية، وسعة مساحتها.
علينا إذن أن نتيقن تماما أن القوى الكبرى التي تقف وراء الصراع الذي يجري في المنطقة والتي ترمي من ورائه إلى تشكيل شرق أوسط جديد، يفضي إلى تقسيم دول المنطقة وتشكيل دول جديدة وفرض وجودها على الجميع، لضمان استمرارية الصراع وتواليه بين سكان تلك الدول، من عرب وأكراد وأتراك، وسنة وشيعة، حتى يستمر الضعف، ولا تبرز قوة ما تهدد مصالح تلك القوى الكبرى.
قلت إن علينا أن نتيقن تماما أن تلك القوى الكبرى تتشوف للانقضاض على دول المغرب العربي، وبالأخص الجزائر، التي يسمح لها موقعها المتوسط والمنفتح على ستة دول إن لم نقل سبعة وذلك ما جعل فرنسا فيما مضى، تصر على الاحتفاظ بها لأن السيطرة عليها تضمن السيطرة على كامل إفريقيا، فضلا عن تنوع مواردها وامتدادها الجغرافي وتعدادها السكاني الأمر الذي يؤهلها لأن تشكل قوة إقليمية لا يستهان بها إذا توافرت لها الظروف المناسبة، وذلك هو بالضبط ما يدفع تلك القوى الكبرى للتفكير في الاستيلاء على الجزائر وتوظيف العوامل والمؤثرات الداخلية لفرض التقسيم عليها، لكونه هو الذي يضمن استحالة تحولها إلى قوى إقليمية تهدد مصالحهم وتعرقل تنفيذ خططهم التي وضعوها للاستيلاء على القارة الإفريقية والهيمنة عليها.
إذن يتعين علينا كسلطة وشعب، الحرص كل الحرص على سلامة الوحدة الوطنية، وأن نعمل بجد على الحفاظ على استقرارنا السياسي، وذلك بتوفير أسبابه المتمثلة في سيادة القانون على الجميع، وتحقيق العدالة الاجتماعية، واستبعاد كل أسباب الصراع العرقي واللغوي والديني، والسعي حثيثا لبعث الحياة في تكتل الاتحاد المغاربي، لأن من شأن ذلك أن يمدنا بقوة إضافية، لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي يفرضها علينا الصراع الجاري اليوم، فهل يا ترى نكون في مستوى ما تعلقه علينا شعوبنا من آمال. أرجو ذلك من كل قلبي، والله أسأل أن يجعله ممكنا…